لم تحظ المرأة بمكانة في أي مجتمع أو ديانة مثلما تتمتع به في ظلال الدين الحنيف. فقد كرمها الاسلام وجعلها في مكانة مرموقة وهي شقيقة الرجال في سائر التكليفات الشرعية ولها حقوق وعليها واجبات. يقول الله سبحانه: "ياأيها الناس إنا خلقناكم من ذكر وأنثي وجعلناكم شعوبا وقبائل لتعارفوا إن أكرمكم عند الله أتقاكم إن الله عليم خبير" الآية 13 سورة الحجرات.
المرأة هي الأم ولها مكانة الأب وتقديره. "واعبدوا الله ولا تشركوا به شيئا وبالوالدين إحسانا" سورة النساء 36. وقوله تعالي: "وقضي ربك ألا تعبدوا الا إياه وبالوالدين احسانا إما يبلغن عندك الكبر أحدهما أو كلاهما فلا تقل لهما أف ولا تنهرهما وقل لهما قولا كريما" 23 الاسراء. والمرأة هي الأخت والزوجة. رفيقة درب الرجال. يقول سيدنا محمد صلي الله عليه وسلم: "النساء شقائق الرجال" وكان يجيب علي كل تساؤلات بنات حواء ويلبي مطالبهن وذلك عندما طالبته النساء بتخصيص يوم لهن لكي يتعلمن من رسول الله صلي الله عليه وسلم كل ما يهمهن في شئون الدين والدنيا. وقد كان صلي الله عليه وسلم رفيقا بالنساء فقال: "استوصوا بالنساء خيرا".
وكان صلي الله عليه وسلم يستمع الي أي شكوي تصدر من أي فتاة أو امرأة. وحينما جاءته شابة تسأله عن رأيه في تصرف والدها عندما أراد تزويجها بابن أخيه رغم انها لا ترغب في هذا الزواج. فأخبرها بأنه لا حق لوالدها في ذلك التصرف. وعندما تعرفت الفتاة علي رأي الرسول في هذا الشأن. قالت: يارسول الله لقد عرفت الحقيقة وأقر أبي في تصرفه وكل ما أريده هو أن تعرف النساء حقوقهن وكذلك الرجال. انها حقيقة لابد من التمسك بها حتي لا تجبر امرأة علي زواج لا ترغبه.
وقد كان الرسول يمزح مع النساء مع الاحتفاظ بمكانتهن في المجتمع ففي أحد الأيام لقيته امرأة عجوز فسألته أن يدعو لها بأن تدخل الجنة. فقال لها: لن يدخل الجنة عجوز. فولت المرأة تبكي فابتسم الرسول وبكل الرحمة والشفقة بعث لها بمن يخبرها بآيات القرآن التي تبعث الطمأنينة في قلبها وانها سوف تدخلها وهي في عز شبابها. وليقرأ علي مسامعها قول الله تعالي في سورة الواقعة "إنا أنشأناهن انشاء. فجعلناهن ابكارا. عرباً أترابا. لأصحاب اليمين" وعندما سمعت المرأة هذه الآيات ابتسمت وعم قلبها الفرح والسرور.
وقد علم الرسول أصحابه تلك المكانة التي تحتلها المرأة في المجتمع. حيث جعل لها الاسلام ذمتها المالية المستقلة تتصرف في ميراثها وأموالها بكل حرية ودون أي تدخل من زوجها. كما حدد الاسلام علاقاتها بكل من الزوج وأفراد المجتمع فلها كل ما للرجل من حقوق ودورها لا يقل أهمية عن الرجال في تربية الأبناء والبنات علي المثل العليا والأخلاق الكريمة وهي الأمينة علي مال زوجها وعرضه وسائر أحواله. وقد كفل لها الاسلام كل الضمانات بحيث تمضي في حياتها بعيدا عن أي مشاكل أو معوقات.
كما يكفي النساء شرفا ان الرجل عندما جاء يقول يارسول الله من أحق الناس بحسن صحابتي؟ قال صلي الله عليه وسلم: أمك؟ ثم أمك. ثم أمك. ثم أبوك وذلك تقديرا لدور المرأة ومكانتها في المجتمع وصدق الشاعر العربي حافظ ابراهيم حين قال:
الأم مدرسة اذا أعددتها
أعددت شعبا طيب الأعراق
استقي هذه المعاني والمكانة من آيات القرآن الكريم وأحاديث سيد الخلق محمد صلي الله عليه وسلم ومضي حافظ ابراهيم يضفي علي المرأة من المكانة ما يجعلها تمشي وهي فخورة بذلك ومن قبل أو في العالم الغربي لم تحظ بهذه المكانة وكم من الغربيات يتمنين أن يتمتعن بتلك الحقوق التي كفلها الاسلام للمرأة في المجتمع الاسلامي.. ويؤكد ذلك قول الشاعر الكبير
فاذا رزقت خليقة محمودة
فقد اصطفاك مقسم الأرزاق
فالناس هذا حظه مال
وذا علم وذاك مكارم الأخلاق.
ولاشك ان المرأة يقع علي كاهلها مهمة بناء الأجيال وان علاقاتها مع زوجها وثيقة وافشاء أسرار هذه العلاقة حرام والحفاظ عليها أمانة سوف يسأل عنها كلا الزوجين وهي في نفس الوقت شريكة الرجل في الرأي والمشورة.
تلك هي بعض الجوانب المشرقة والمكانة العالية التي كفلها الاسلام للمرأة فهل تنهض بواجباتها وترعي الله في النهوض بمهمتها علي أكمل وجه فتلك أمور وحقوق تتطلب القيام بها علي أكمل وجه لكي تنال الجزاء الأوفي كالرجال تماما يقول الله تعالي: "ان المسلمين والمسلمات والمؤمنين والمؤمنات والقانتين والقانتات والصادقين والصادقات والصابرين والصابرات والخاشعين والخاشعات والمتصدقين والمتصدقات والصائمين والصائمات والحافظين فروجهم والحافظات والذاكرين الله كثيرا والذاكرات أعد الله لهم مغفرة وأجرا عظيما" 35 سورة الأحزاب. فهل هناك من مكانة وشرف بعد ذلك؟